فصل: باب الاستخلاف

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب الاستخلاف

مناسبته لإمامة ظاهرة، ولذا ترجم به عادلا عما في الهداية وغيرها من الترجمة بباب الحدث في الصلاة لأنها ترجمة بالسبب لا بالحكم، والأول أولى لأنه ترجمة بالحكم‏.‏ ولما كان الاستخلاف مشروطا بكون الحدث غير مانع للبناء ذكر الشارح شروط البناء لأنه في الحقيقة بناء من الخليفة على ما صلاه الإمام ‏(‏قوله كون الحدث سماويا‏)‏ هو ما لا اختيار للعبد فيه ولا في سببه كما يأتي في الشرح فخرج بالأول ما لو أحدث عمدا، وبالثاني ما لو كان بسبب شجة أو عضة أو سقوط حجر من رجل مشى على نحو سطح فافهم ‏(‏قوله من بدنه‏)‏ احتراز عما إذا أصابه من خارج نجاسة مانعة‏.‏ وفيه إطلاق الحد على النجس وهو تسامح، على أن النجاسة المانعة من غير سبق حدث تمنع البناء سواء كانت من بدنه أو من خارج كما في البحر‏.‏ وأيضا النجاسة غير داخلة لأن الكلام في الحدث‏.‏ وقد يقال احترز به عن الجنون فإنه حدث من غير البدن إذا كان من الجن لا من مرض، وإلا كان من البدن الإغماء تأمل ‏(‏قوله غير موجب لغسل‏)‏ خرج ما إذا أنزل بتفكر ونحوه ‏(‏قوله ولا نادر وجود‏)‏ خرج نحو القهقهة والإغماء‏.‏ ‏(‏قوله ولم يؤد ركنا مع حدث‏)‏ خرج ما إذا سبقه الحدث ساجدا فرفع رأسه قاصدا الأداء أو قرأ ذاهبا ‏(‏قوله أو مشى‏)‏ خرج ما إذا قرأ آيات ‏(‏قوله ولم يفعل منافيا‏)‏ خرج ما إذا أحدث عمدا بعد السماوي ‏(‏قوله أو فعلا له منه بد‏)‏ خرج ما لو تجاوز ماء غير بئر إلى أبعد منه بأكثر من قدر صفين بلا عذر ‏(‏قوله ولم يتراخ‏)‏ أما لو تراخى قدر أداء ركن بعذر كزحمة أو نزول دم فإنه يبنى وكذا لو كان حدثه بالنوم فمكث زمانا ثم نبه لأن فسادها بالمكث لوجود أداء جزء منها مع الحدث والنائم حال نومه غير مؤد شيئا شرح المنية ‏(‏قوله كمضي مدة مسحه‏)‏ وكرؤية المتيمم ماء، وخروج وقت المستحاضة بحر ‏(‏قوله ولم يتذكر فائتة إلخ‏)‏ أما لو تذكرها فلا يصح بناؤه حتما، بل قد وقد لأنه إن قضاها عقب التذكر كما هو المشروع فسدت الوقتية، وإن أخرها حتى خرج وقت السادسة لم يبق صاحب ترتيب فصح البناء فافهم ‏(‏قوله ولم يتم المؤتم في غير مكانه‏)‏ المؤتم يشمل الإمام الذي سبقه الحدث واستخلف فإنه مؤتم بخليفته، فإذا توضأ وكان إمامه لم يفرغ من صلاته فعليه أن يعود ويتم صلاته خلف إمامه إن كان بينهما ما يمنع الاقتداء؛ حتى لو أتم في مكانه فسدت، وأما المنفرد فيخير بين العود وعدمه ‏(‏قوله غير صالح لها‏)‏ كصبي وامرأة وأمي، فإذا استخلف أحدهم فسدت صلاته وصلاة القوم لأنه عمل كثير ليس من أعمال الصلاة وسيأتي تمام الكلام على هذه الشروط كلها‏.‏ ‏(‏قوله سبق الإمام حدث‏)‏ أي حقيقة أما لو ظن سبق الحدث ثم ظهر عدمه فسيأتي أنه تفسد صلاته وإن لم يخرج من المسجد إذا استخلف لأنه عمل كثير ‏(‏قوله لا اختيار للعبد فيه إلخ‏)‏ صفة كاشفة لقوله سماوي ح‏.‏ أقول‏:‏ والظاهر من كلامهم أن المراد بالعبد عندهما ما يشمل المصلي وغيره‏.‏ وعند أبي يوسف المراد به المصلي ففي حاشية نوح عن المحيط‏:‏ لو أصاب المصلي حدث بغير فعله بأن أصابه بندقة أي من طين فشجته لا يبني عندهما ويبني عند أبي يوسف لأنه لا صنع له فيه فصار كالسماوي‏.‏ ولهما أنه حدث حصل بصنع العباد ولا يغلب وجوده، فلا يلحق بالسماوي، ولو وقع عليه مدر من سطح أو كان يصلي تحت شجرة فوقع عليه الكمثرى أو السفرجل فشجه أو أصابه شوك المسجد فأدماه، قيل يبني لأنه حصل لا بصنع العباد، وقيل على هذا الخلاف لأن السقوط بسبب الوضع والإنبات‏.‏ وقال في الظهيرية‏:‏ ولو سقط من السطح مدر فشج رأسه، إن كان بمرور مار استقبل الصلاة خلافا لأبي يوسف، وإن كان لا بمرور مار، قيل يبني بلا خلاف، وقيل على الاختلاف، وهو الصحيح‏.‏ ا هـ‏.‏ قال الخير الرملي بعد كلام الظهيرية‏:‏ أقول علم به أن الصحيح عدم البناء مطلقا ويقاس عليه وقوع السفرجلة، فإن كان بهزها فعلى الخلاف، وإلا فقيل يبني بلا خلاف والصحيح أنه على الخلاف ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله كسفرجلة إلخ‏)‏ تمثيل للمنفي وهو ما فيه اختيار للعبد، فقد نقل في البحر الاختلاف في وقوع سفرجلة أو طوبة من سطح، ثم نقل تصحيح عدم البناء إذا سبقه الحدث من عطاسه أو تنحنحه‏.‏ ونقل الرملي عن شرح المنية أن الأظهر عدم البناء في التنحنح دون العطاس‏.‏ وما في الشرنبلالية وتبعه المحشي من أنه في البحر صحح البناء فيهما ليس بالواقع فافهم‏.‏ ‏(‏قوله غير مانع للبناء‏)‏ نعت لحدث، وخرج به ما إذا كان الحدث مانعا للبناء، بأن كان الحدث واحدا من أضداد الأشياء الثلاثة عشر، وهو ما أشار إليه بقوله كما قدمناه ح ‏(‏قول ليأتي بالسلام‏)‏ قال ابن الكمال‏:‏ صرح بذلك في الهداية، وهذا صريح في أنه لا خلاف للإمامين هنا إذ لا خلاف لهما في وجوب التسليم‏.‏ ا هـ‏.‏ وأراد به الرد على صدر الشريعة ومنلا خسرو، حيث عللا بأنه لم تتم صلاته، لأن الخروج بصنعه فرض عنده ولم يوجد‏.‏ وعندهما تمت‏:‏ أي فلا يستخلف ورده في اليعقوبية أيضا بأن هذا قول بعض المشايخ وفي كلام صاحب الهداية إشارة إلى أن المختار قول الكرخي، وهو أن الخروج بصنعه ليس بفرض اتفاقا ‏(‏قول استخلف‏)‏ أشار إلى أن الاستخلاف حق الإمام؛ حتى لو استخلف القوم فالخليفة خليفته، فمن اقتدى بخليفتهم فسدت صلاته؛ ولو قدم الخليفة غيره، إن قبل أن يقوم مقام الأول وهو‏:‏ أي الأول في المسجد جاز، وإن قدم القوم واحدا أو تقدم بنفسه لعدم استخلاف الإمام جاز إن قام مقام الأول قبل أن يخرج من المسجد؛ ولو خرج منه فسدت صلاة الكل دون الإمام، كذا في الخانية، ولو تقدم رجلان فالأسبق أولى، ولو قدمهما القوم فالعبرة للأكثر، ولو استويا فسدت صلاتهم، وتمامه في النهر ‏(‏قوله أي جاز له ذلك‏)‏ حتى لو كان الماء في المسجد فإنه يتوضأ ويبني، ولا حاجة إلى الاستخلاف كما ذكره الزيلعي‏.‏ وإن لم يكن في المسجد فالأفضل الاستخلاف كما في المستصفى‏:‏ وظاهر المتون أن الاستخلاف أفضل في حق الكل، فما في شرح المجمع لابن الملك من أنه يجب على الإمام الاستخلاف صيانة لصلاة القوم فيه نظر بحر‏.‏ وقد يجاب عنه بما في النهر، من أنه ينبغي وجوبه عند ضيق الوقت ‏(‏قول ولو في جنازة‏)‏ هو الأصح نهر عن السراج ‏(‏قوله بإشارة‏)‏ متعلق بقوله استخلف‏.‏ قال في الفتح‏:‏ والسنة أن يفعله محدودب الظهر آخذا بأنفه يوهم أنه رعف ‏(‏قوله ولو لمسبوق‏)‏ أشار إلى أن استخلاف المدرك أولى كما يأتي مع بيان ما يفعله المسبوق ‏(‏قوله ويشير إلخ‏)‏ هذا إذا لم يعلم الخليفة، أما إذا علم فلا حاجة إلى ذلك بحر ‏(‏قوله لسجود‏)‏ أي لترك سجود، وكذا ما بعده، من المعطوف ح ‏(‏قوله ما لم يتقدم إلخ‏)‏ تخصيص لما في المتن كالهداية‏.‏ وحاصله أن حده الصفوف إن ذهب يمنة أو يسرة أو خلفا‏.‏ وأما إن ذهب أماما فحده السترة أو موضع السجود إن لم تكن له سترة‏.‏ قال في الفتح‏:‏ إنه الأوجه‏.‏ وفي البدائع أنه الصحيح‏.‏ قال في البحر‏:‏ فما في الهداية من أن الإمام إذا لم يكن بين يديه سترة فالمعتبر مشيه مقدار الصفوف خلفه ضعيف ا هـ‏.‏ لكن قال الخير الرملي‏:‏ إن أغلب الكتب على اعتماد ما في الهداية فكيف يكون ضعيفا ‏(‏قوله كالمنفرد‏)‏ فإن المعتبر فيه موضع سجوده من الجوانب الأربع، إلا إذا مشى أمامه وبين يديه سترة فيعطى لداخلها حكم المسجد بحر عن البدائع ‏(‏قوله وما لم يخرج من المسجد‏)‏ فإذا خرج بطلت الصلاة فلم يصح الاستخلاف ولو كانت الصفوف متصلة وهو في أثنائها لأن المناط الخروج، وهذا عندهما‏.‏ وعند محمد يصح الاستخلاف من خارج، وبه صرح الكمال وغيره‏.‏ وفي الخلاصة‏:‏ جعل الصحة قولهما وعدمها قول محمد، كذا في الشرنبلالية ح، والمراد ببطلان الصلاة صلاة القوم، والخليفة دون الإمام في الأصح كما في البحر وغيره لأنه صار في حكم المنفرد‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

في القنية عن شرح بكر وغيره المساجد العظام، كمسجد المنصورية، ومسجد بيت المقدس حكمها حكم الصحراء‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله أو الجبانة‏)‏ هي المصلى العام في الصحراء مغرب ‏(‏قوله أو الدار‏)‏ كذا أطلقها في الزيلعي والبحر‏.‏ والظاهر أن المراد منها الصغيرة لما قدمناه في موانع الاقتداء أن الصغيرة كالمسجد والكبيرة كالصحراء وأن المختار في تقدير الكبيرة أربعون ذراعا تأمل ‏(‏قوله لو كان يصلي فيه‏)‏ أي في أحد المذكورات ح ‏(‏قوله ما لم يجاوز هذا الحد‏)‏ أي الصحراء أو المسجد ونحوه‏:‏ أي فإذا تجاوزه خرج الإمام عن الإمامة وإلا فلا‏.‏ قال ابن الملك‏:‏ حتى لو اقتدى به إنسان ما دام في المسجد أو الصفوف قبل الوضوء جاز ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ولم يتقدم أحد ولو بنفسه‏)‏ أشار إلى أنه يصير خليفة إذا قدمه الإمام أو أحد القوم أو تقدم بنفسه كما قدمناه عن النهر‏.‏ ‏(‏قوله مقامه‏)‏ معمول لمحذوف‏:‏ أي قائما مقامه لا لقوله يتقدم، إذ لا يقال تقدمت مقام زيد ولا قعدت مجلس عمرو لعدم اتحاد مادتهما‏.‏ هذا، وقيد بقيامه مقامه لأنه لا يصير خليفة قبل ذلك لكن هذا إذا لم ينو الخليفة الإمامة من ساعته لما في الخانية وغيرها‏:‏ إمام أحدث فقدم رجلا من آخر الصفوف ثم خرج من المسجد إن نوى الخليفة الإمامة من ساعته صار إماما فتفسد صلاة من كان متقدما عليه فقط، وإن نوى أن يكون إمامه إذا قام مقام الأول وخرج الأول قبل أن يصل الخليفة إلى مكانه فسدت صلاتهم لخلو مكان الإمام عن إمام، وشرط جواز صلاة الخليفة والقوم أن يصل الخليفة إلى المحراب قبل أن يخرج الإمام من المسجد وإذا نوى الخليفة الإمامة من ساعته وخرج الإمام من المسجد قبل أن يصل الخليفة إلى المحراب لم تفسد صلاتهم لأنه ما خلا المسجد عن الإمام‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ناويا الإمامة‏)‏ قيد به لما في الدراية‏:‏ اتفقت الروايات على أن الخليفة لا يكون إماما ما لم ينو الإمامة، ومقتضاه أنه لا يكفي قيامه مقام الأول بدون النية‏.‏ ‏(‏قوله وإن لم يجاوزه إلخ‏)‏ أي يجاوز الحد المذكور وهذا مبالغة على مفهوم قوله ولم يتقدم أحد إلخ، يعني أنه على إمامته ما لم يتقدم أحد إلى مقامه ناويا الإمامة، فإذا تقدم فقد خرج الأول عن الإمامة وصار مقتديا به وإن لم يجاوز الحد المذكور ‏(‏قوله حتى لو تذكر إلخ‏)‏ تفريع على المفهوم المذكور، وهو أنه إذا تقدم أحد إلى مقامه فقد خرج الأول عن الإمامة وصار مقتديا بالخليفة، سواء تجاوز المسجد ونحوه أو لا، وقوله لأنه صار مقتديا علة لقوله لم تفسد صلاة القوم‏:‏ أي لأنه خرج عن كونه إمامه لهم وإن لم يخرج من المسجد ونحوه فلا يضرهم كلامه أو حدثه العمد ونحوه‏.‏ واستشكل ذلك في البحر بما ذكروا من أنه إذا استخلف لا يخرج الإمام عن الإمامة بمجرده، ولهذا لو اقتدى به إنسان من ساعته قبل الوضوء فإنه صحيح على الصحيح كما في المحيط، ولهذا قال في الظهيرية والخانية‏:‏ إن الإمام لو توضأ في المسجد وخليفته قائم في المحراب ولم يؤد ركنا فإنه يتأخر الخليفة ويتقدم الإمام، ولو خرج الإمام الأول من المسجد وتوضأ ثم رجع إلى المسجد وخليفته لم يؤد ركنا فالإمام هو الثاني‏.‏ ا هـ‏.‏ ووفق في النهر بحمل ما ذكروا على ما إذا لم يقم الخليفة مقام الأول ناويا الإمامة، وما هنا على ما إذا قام مقامه ونوى الإمامة ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكنه يخالفه ما في الظهيرية والخانية‏.‏ وقد يجاب بأنه لا يخرج عن الإمامة وهو في المسجد ما لم يقم الثاني مقامه، فإن قام مقامه ناويا لها صار إمامه، لكنه ما لم يؤد ركنا لم تتأكد إمامته من كل وجه، حتى إذا توضأ الأول قبل خروجه من المسجد تنتقل الإمامة إليه لعدم تأكيد إمامة الخليفة، بخلاف ما إذا فعل منافيا أو أدى الثاني ركنا فإن الإمامة تثبت للثاني قطعا بلا انتقال‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

علم مما مر أن شروط الاستخلاف ثلاثة‏:‏ الأول استجماع شرائط البناء المارة‏.‏ الثاني أن يكون قبل مجاوزة الإمام الحد المذكور‏.‏ الثالث أن يكون الخليفة صالحا للخلافة، وأن حكم الاستخلاف صيرورة الثاني إماما وخروج الأول عن الإمامة وصيرورته في حكم المقتدي بالثاني، وأن الثاني إنما يصير إماما ويخرج الأول عن الإمامة بأحد أمرين‏:‏ إما بقيام الثاني مقام الأول ينوي صلاة الإمام، أو بخروج الأول عن المسجد؛ حتى لو استخلف رجلا وهو في المسجد بعد ولم يقم الخليفة مقامه فهو على إمامته، حتى لو جاء رجل فاقتدى به صح اقتداؤه، ولو أفسد صلاته فسدت صلاة الجميع، وتمامه في البدائع‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

في التتارخانية عن الصيرفية لو أم قوما على شاهق جبل فألقته الريح ولم يدر أحي أم ميت ولم يستخلفوا أحدا في الحال فسدت صلاتهم ‏(‏قوله لم يحتج للاستخلاف‏)‏ لما مر من أنه جائز لا متعين ولأنه باق على إمامته فلم يخل المسجد عن إمام، بخلاف ما إذا خرج من المسجد فإن صلاة القوم تفسد لخلو مقامه عن إمام‏.‏ ويوجد في بعض النسخ زيادة، وهي‏:‏ فلو استحلف لم تفسد صلاته ‏(‏قوله واستئنافه أفضل‏)‏ أي بأن يعمل عملا يقطع الصلاة ثم يشرع بعد الوضوء شرنبلالية عن الكافي وفي حاشية أبي السعود عن شيخه‏:‏ فلو لم يعمل ما يقطع الصلاة بل ذهب على الفور فتوضأ ثم كبر ينوي الاستئناف لم يكن مستأنفا بل بانيا‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ هذا ظاهر في المنفرد لأن ما نواه هو عين صلاته من كل وجه، بخلاف الإمام أو المقتدي تأمل‏.‏

‏(‏قوله إن لم يكن تشهد‏)‏ يعني إن لم يكن قعد قدر التشهد، فلو حصلت بعده لا تفسد صلاته لأنها قد تمت حتى على القول بفرضية الخروج بصنعه؛ أما في الحدث العمد فظاهر، وأما في الجنون والإغماء والاحتلام فلأن الموصوف بها لا يخلو عن اضطراب أو مكث يصير به مؤديا جزءا من الصلاة مع الحدث، وكيفما كان فالصنع منه موجود كما في البحر وغيره، لكن اعترض بأن المراد وجود عمل ينافي الصلاة عمدا ولا عمد من هؤلاء كما في شرح العلامة المقدسي ‏(‏قوله أو خروجه من مسجد‏)‏ المراد مجاوزة الحد المتقدم أعم من أن يكون في صحراء أو مسجد أو جبانة أو دار ‏(‏قوله بظن حدث‏)‏ بأن خرج منه شيء فظن أنه دم مثلا‏.‏ وظاهره أنه لو لم يكن للظن دليل، بأن شك في خروج ريح ونحوه يستقبل مطلقا بالانحراف عملا بما هو القياس لكن لم أره منقولا بحر، وقيد بظن الحدث لأنه لو ظن أنه افتتح بلا وضوء، أو أن مدة مسحه انقضت، أو أن عليه فائتة أو رأى سرابا فظنه ماء وهو متيمم أو حمرة في ثوبه فظنها نجاسة فانصرف تفسد بالانحراف وإن لم يخرج من المسجد لأنه انصرف على سبيل الرفض ولهذا لو تحقق ما توهمه يستقبل‏.‏ وهذا هو الأصل والاستخلاف كالخروج من المسجد؛ لأنه عمل كثير فتبطل بحر‏:‏ أي لو استخلف فتبين أنه لم يحدث فسدت صلاته وإن لم يخرج من المسجد لوجود العمل الكثير من غير عذر، بخلاف ما إذا تحقق ما توهمه من العذر فإن العمل غير مفسد لقيام العذر فكان الاستخلاف كالخروج من المسجد يحتاج لصحته قصد الإصلاح وقيام العذر، كذا في العناية ‏(‏قول أو احتلام إلخ‏)‏ الأحسن أو موجب غسل ليشمل الحيض قهستاني وأراد بالاحتلام الإمناء لأن خروج المني بغير نوم لا يسمى احتلاما، وأفاد أن النوم نفسه غير مفسد لكن هذا إذا كان غير عمد لما في حاشية نوح أفندي‏:‏ النوم إما عمدا أو لا فالأول ينقض الوضوء ويمنع البناء‏.‏ والثاني قسمان‏:‏ ما لا ينقض الوضوء ولا يمنع البناء‏:‏ كالنوم قائما أو راكعا أو ساجدا‏.‏ وما ينقض الوضوء ولا يمنع البناء؛ كالمريض إذا صلى مضطجعا فنام ينتقض وضوءه على الصحيح وله البناء فغير العمد لا يمنع البناء اتفاقا سواء نقض الوضوء أو لا، بخلاف العمد ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ ‏(‏قوله لندرتها‏)‏ أي ولفعل المنافي في صورة الحدث العمد

‏(‏قوله إذا حصر‏)‏ بكسر ثانيه وبفتح أوله أو ضمه مبنيا للفاعل أو للمفعول، وبيانه في البحر ‏(‏قوله عن قراءة قدر المفروض‏)‏ فلو قرأ ما تجوز به الصلاة لا يجوز الاستخلاف بالإجماع كما في الهداية والدرر وكثير من كتب المذهب‏.‏ قال في البحر‏:‏ وذكره في المحيط بصيغة‏:‏ قيل‏.‏ وظاهره أن المذهب الإطلاق، وهو الذي ينبغي اعتماده لما صرحوا به في فتح المصلي على إمامه بأنها لا تفسد على الصحيح، سواء قرأ الإمام ما تجوز به الصلاة أو لا فكذا هنا يجوز الاستخلاف مطلقا‏.‏ ا هـ‏.‏ وأيده في الشرنبلالية بما في شرح الجامع الصغير أن الاستخلاف هنا لا يفسد كالفتح، والفتح لو أفسد فليس لأنه عمل كثير، بل لأنه غير محتاج إليه وهنا هو محتاج إليه‏.‏ ا هـ‏.‏ قال في الشرنبلالية‏:‏ والاحتياج للإتيان بالواجب أو بالمسنون‏.‏ ا هـ‏.‏ وبه يندفع ما في النهر من التفرقة بينهما بأن الاستخلاف هنا عمل كثير بلا حاجة‏.‏ قلت‏:‏ وقد يقال‏:‏ الحاجة مسلمة في الواجب ولذا يستخلف للإتيان بالسلام؛ أما المسنون فلا‏.‏ ويمكن حمل قوله في الهداية ما تجوز به الصلاة على ما يشمل الواجب كما قدمنا أول باب الإمامة من حمل قول الكافي بتقديم الأعلم بشرط حفظه ما تجوز به الصلاة على ما يشمل عدم الكراهة تأمل ‏(‏قوله فإنه لما أحس‏)‏ عبارة البدائع‏:‏ «فإنه كان يصلي بالناس بجماعة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه فوجد صلى الله عليه وسلم خفة فحضر فلما أحس» إلخ ‏"‏ ‏(‏قوله لما فعله‏)‏ أي النبي صلى الله عليه وسلم وما كان جائزا له يكون جائزا لأمته هو الأصل لكونه قدوة لهم بدائع ‏(‏قوله وقالا تفسد‏)‏ أي لأنه يندر وجوده، فكان كالجنابة، وقيل إنه يتمها بلا قراءة عندهما‏.‏ قال في البحر‏:‏ والظاهر أن عنهما روايتين ‏(‏قوله وبعكس الخلاف‏)‏ أي فيجوز الاستخلاف عندهما لا عند الإمام ط ‏(‏قوله لو حصر‏)‏ أي منع عن المضي في الصلاة بسبب بول إلخ ‏(‏قوله لم أره‏)‏ كذا في شرح الملتقى للباقاني عن بعض الأفاضل بلفظ‏:‏ هذه مسألة لم نظفر بنقلها‏.‏ ا هـ‏.‏ ورأيت بهامش الخزائن بخط الشارح قلت‏:‏ ظاهر كلامهم لا لتعليلهم بوروده يعني الاستخلاف على خلاف القياس‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ ويؤيده ما في البحر حيث قال‏:‏ وقيد بالمنع عنها أي عن القراءة لأنه لو أصاب الإمام وجع في البطن فاستخلف رجلا لم يجز، فلو قعد وأتم صلاته جاز ا هـ‏.‏ فأفاد أنه لو عجز عن القيام أو عن الركوع والسجود لوجع يتم قاعدا لجواز اقتداء القائم بالقاعد فلا حاجة إلى الاستخلاف فافهم

‏(‏قوله ولا يستخلف إلخ‏)‏ أي ولا يبني لو كان منفردا لأنه صار أميا فبطلت صلاة القوم ط عن البحر‏.‏ أقول‏:‏ لم أر هذه العبارة في البحر، وكتبت فيما علقته عليه‏:‏ لم يذكر حكم صلاة القوم ولا حكم صلاته، أما صلاتهم ففسادها ظاهر لأن إمامهم صار أميا‏.‏ وأما صلاة الإمام ففي الفصل السابع من الذخيرة أن القارئ إذا صلى بعض صلاته فنسي القراءة وصار أميا فسدت عنده ويستقبلها‏.‏ وعلى قولهما لا تفسد، ويبني عليها استحسانا وهو قول زفر‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله عطف على المنفي‏)‏ أي على ما دخل عليه حرف النفي في المتن، وهو قوله لو نسي قوله فلو منه‏)‏ أي من سبق حدثه فقط بنى، أما لو كان منه ومن خارج فلا يبني بحر ‏(‏قول إذا لم يضطر له إلخ‏)‏ قال في الخانية‏:‏ قال الإمام أبو علي النسفي‏:‏ إن لم يجد بدا من ذلك لم تفسد صلاته‏.‏ وإلا بأن تمكن من الاستنجاء وغسل النجاسة تحت القميص فسدت وكذا المرأة لها أن تكشف عورتها وأعضاءها في الوضوء إذا لم تجد بدا من ذلك‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ إذا كشف عورته في الوضوء لا يبني وكذا المرأة‏.‏ والصحيح هو الأول لأن جواز البناء للمرأة منصوص عليه مع أنها تكشف عورتها في الوضوء ظاهرا‏.‏ ا هـ‏.‏ قال نوح أفندي‏:‏ وصحح الزيلعي الثاني والاعتماد على تصحيح قاضي خان أولى، ولهذا اختاره المصنف يعني صاحب الدرر ا هـ‏.‏ لكن في الفتح عن الزيلعي أن الفساد مطلقا ظاهر المذهب ‏(‏قوله لأدائه ركنا‏)‏ هذا يقتضي أن الحدث سبقه في حالة القيام لأن القراءة لا تكون ركنا في غيره‏.‏ ثم رأيت في المعراج عن المجتبى‏:‏ أحدث في قيامه فسبح ذاهبا أو جائيا لم تفسد، ولو قرأ فسدت ولو أحدث في ركوعه أو سجوده لا تفسد بالقراءة‏.‏ ا هـ‏.‏ ورأيت مثله في كافي النسفي فليحفظ ‏(‏قوله مع حدث أو مشى‏)‏ نشر مرتب ح ‏(‏قوله في الأصح‏)‏ متعلق بقوله قرأ، وبقوله بخلاف تسبيح؛ ومقابله كما في الزيلعي أنه لو قرأ ذاهبا تفسد وآيبا لا، وقيل بالعكس وقيل لو أحدث راكعا ورفع رأسه قائلا سمع الله لمن حمده لا يبني ا هـ‏.‏ يعني وإن أراد بهذا الرفع الانصراف لا الأداء وإلا فسدت وإن لم يسمع كما يعلم مما سيأتي‏.‏

‏(‏قوله أو طلب الماء بالإشارة‏)‏ كذا في متن الدرر، ومثله في الخانية والسراج‏.‏ واستشكله الشرنبلالي بمسألة درء المار بالإشارة وبمسألة ما إذا طلب من المصلي شيء فأشار بيده أو رأسه بنعم أو بلا لا تفسد، وبأن ابن أمير حاج ذكر في الحلية أن القول بالفساد في رد المصلي السلام بيده لم يعرف أن أحدا من أهل المذهب نقله بل المنقول عنهم عدمه‏.‏ وقال في البحر‏:‏ إنه الحق، وإنما ذكره بعض المشايخ استنباطا كما سيأتي بيانه في الباب الآتي‏.‏ قال الشرنبلالي‏:‏ فلا يبعد أن يكون عدم الفساد بطلب الماء بالإشارة كرد السلام وغيره بها‏.‏ وأجاب الرحمتي بأن طلب الماء بالإشارة وقبوله منه يصير بمجموع ذلك عملا كثيرا لأنه عقد هبة أو إجارة وهو مناف للصلاة كالشراء بالمعاطاة، وليس هذا كرد السلام بالإشارة لمن تدبر‏.‏ ‏(‏قوله بالمعاطاة‏)‏ قيد به لظهور الفساد بالإيجاب والقبول درر ‏(‏قوله للمنافاة‏)‏ علة للمسألتين‏.‏ قال في الشرنبلالية‏:‏ وهذا مبني على أحد تفسيري العمل الكثير ا هـ‏.‏ وهو ما لو رآه راء من بعيد لا يشك أنه ليس في الصلاة ‏(‏قوله أو لنسيان‏)‏ هو وما بعده عطف على المستثنى وهو قدر‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ قال في شرح المنية‏:‏ ولو وجد في الحوض موضعا للتوضؤ فتجاوز إلى موضع آخر، إن لعذر كضيق مكان الأول بنى وإلا فلا، ولو قصد الحوض وفي منزله ماء أقرب منه، وإن كان البعد قدر صفين لا تفسد، وإن أكثر فسدت، وإن كان عادته التوضؤ من الحوض ونسي الماء الذي في بيته وذهب إلى الحوض بنى، ولو كان الماء بعيدا وبقربه بئر يترك البئر، لأن النزح يمنع البناء على المختار، وقيل لا يمنع إن عدم غيره ‏(‏قوله على المختار‏)‏ أي وإن لم يكن عنده ماء غيره كما علمت فافهم‏.‏ ‏(‏قوله إلا لعذر‏)‏ وكذا لو تفكر فيمن يقدمه للصلاة إذا لم ينو بقيامه حال تفكره الأداء كما في التتارخانية

‏(‏قوله توضأ‏)‏ أي إن وجد ماء وإلا تيمم، كما يعلم من قولهم في التيمم أعيد ولو بناء رملي‏.‏ قلت‏:‏ بل صرح به في البدائع هنا، وقال لأن ابتداء الصلاة بالتيمم جائز فالبناء أولى، فإن تيمم ثم وجد الماء، فإن وجده بعدما عاد إلى مقامه استقبل، وإن قبله في الطريق فالقياس كذلك‏.‏ وفي الاستحسان يتوضأ ويبني‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله فورا‏)‏ أي بلا مكث قدر أداء ركن بلا عذر كما علم مما قبله ‏(‏قوله بكل سنة‏)‏ أي من سنن الوضوء لأن ذلك من باب إكماله فكان من توابعه فيتحمل كما يتحمل الأصل بدائع، فلو غسل أربعا لا يبني تتارخانية‏.‏ ‏(‏قوله بلا كراهة‏)‏ لكن تقدم أن الاستئناف أفضل ‏(‏قوله كمنفرد‏)‏ أفاد أن الكلام الأول في الإمام، وأما المقتدي فذكره بعده ‏(‏قوله وهذا كله‏)‏ أي تخيير الإمام بين العود إلى مكانه وعدمه ‏(‏قوله وإلا عاد إلى مكانه‏)‏ أي الذي كان فيه أو قريبا منه مما يصح فيه الاقتداء لأنه بالاستخلاف خرج عن الإمامة وصار مقتديا بالخليفة كما مر ‏(‏قوله لو بينهما ما يمنع الاقتداء‏)‏ لأن شرط الاقتداء اتحاد البقعة بدائع ‏(‏قوله كالمقتدي‏)‏ أي أصالة

‏(‏قوله إن تعمد عملا ينافيها‏)‏ أي ينافي الصلاة كالقهقهة؛ فلو تعمدها بعد جلوسه قدر التشهد فصلاته تامة وإن بطل وضوءه لوجودها في أثناء الصلاة دون وضوء القوم لخروجهم منها بحدث إمامهم، وتمامه في البحر وسيأتي ‏(‏قوله ولو بعد سبق حدثه‏)‏ نص عليه الزيلعي ولم يحك فيه خلافا، ففيه رد لما في الحلية من أنها تبطل عنده لعدم الخروج بصنعه لا عندهما‏.‏ ووجه الرد كما في البحر أنه إذا أتى بمناف بعد سبق الحدث فقد خرج منها بصنعه ‏(‏قوله تمت‏)‏ أي صحت، إذ لا شك أنها ناقصة لترك الواجب ط ‏(‏قوله نعم تعاد‏)‏ أي وجوبا ط ‏(‏قوله ولو وجد المنافي‏)‏ أي سوى الحدث السماوي المتقدم لأنه وإن كان منافيا قياسا، لكن الشرع اعتبره غير مناف أفاده ح ‏(‏قوله بلا صنعه‏)‏ مقابل‏:‏ قوله أن تعتمد إلخ ‏(‏قوله ولو بعده بطلت‏)‏ أي بعد القعود قدر التشهد وشمل ما لو سلم الإمام وعليه سهو فعرض واحد مما سيجيء، فإن سجد بطلت وإلا فلا؛ ولو سلم القوم قبل الإمام بعدما قعد قدر التشهد ثم عرض له واحد منها بطلت صلاته دون القوم وكذا إذا سجد هو للسهو ولم يسجد القوم ثم عرض له بحر‏.‏ المسائل الاثنا عشرية ‏(‏قوله في المسائل الاثني عشرية‏)‏ اشتهرت هذه النسبة، وهي خطأ عند أهل العربية لأن العدد المركب العلمي إنما ينسب إلى صدره فتقول في خمسة عشر علما لرجل أو غيره خمسي وغير العلمي لا ينسب إليه بحر ونهر ‏(‏قوله عنده‏)‏ أي عند أبي حنيفة ووجه بطلانها عنده على ما خرجه البردعي أن الخروج من الصلاة بصنع المصلي فرض عنده لأنه لا يمكن أداء فرض آخر إلا بالخروج من الأولى‏.‏ وما لا يتوصل إلى الفرض إلا به يكون فرضا‏.‏ وقال الكرخي‏:‏ هذا غلط لأن الخروج قد يكون بمعصية كالحدث العمد، ولو كان فرضا لاختص بما هو قربة وهو السلام، فلا خلاف بينهم في أن الخروج بصنعه ليس فرضا‏.‏ وإنما قال الإمام بالبطلان في هذه المسائل لمعنى آخر‏.‏ وهو أن العوارض الآتية مغيرة للفرض كرؤية المتيمم ماء، فإنه كان فرضه التيمم فتغير إلى الوضوء‏.‏ وكذا بقية المسائل، بخلاف الكلام فإنه قاطع لا مغير والحدث العمد والقهقهة ونحوهما مبطلة لا مغيرة‏.‏ وأيده في البحر بما في المجتبى بأن عليه المحققين من أصحابنا، وبأنه صححه شمس الأئمة لكن قدمنا في فرائض الصلاة عن المسائل البهية الزكية على الاثني عشرية للعلامة الشرنبلالي تأييد كلام البردعي بأنه قد مشى على افتراض الخروج بصنعه صاحب الهداية وتبعه الشراح وعامة المشايخ وأكثر المحققين والإمام النسفي في الوافي الكافي والكنز وشروحه وصاحب المجمع وإمام أهل السنة الشيخ أبو منصور الماتريدي ‏(‏قوله ورجحه الكمال إلخ‏)‏ أقول‏:‏ إن الكمال لم يرجح قولهما صريحا وإنما بحث في توجيه كلام الإمام على ما قاله كل من البردعي والكرخي كما أوضحته فيما علقته على البحر ‏(‏قوله وفي الشرنبلالية والأظهر قوله إلخ‏)‏ أقول‏:‏ عزا ذلك الشرنبلالي في رسالته إلى البرهان ثم رده بأنه لا وجه لظهوره فضلا عن كونه أظهر لأنه استدل على ذلك بما ليس فيه دلالة عليه‏.‏ ثم قال الشرنبلالي بعدما أطال في رده‏:‏ ومن المقرر طلب الاحتياط في صحة العبادة لتبرأ ذمة المكلف بها وليس الاحتياط إلا بقول الإمام الأعظم إنها تبطل‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وعليه المتون ‏(‏قوله لكان أولى‏)‏ لأن كلامه يوهم أن قوله ولو بلا صنعه بعده بطلت، مفروض في غير المسائل الاثني عشرية مع أنه مخصوص بها وبما ألحق بها من المزايدات الآتية وغيره ‏(‏قوله وأما مسألة إلخ‏)‏ جواب عما أورده الزيلعي على الكنز من أن التقييد بالمتيمم غير مفيد لأن المتوضئ خلف المتيمم لو رأى الماء في صلاته بطلت أيضا لعلمه أن إمامه قادر على الماء بإخباره وصلاة الإمام تامة لعدم قدرته، فلو قال‏:‏ والمقتدي به لعلمه‏.‏ وأجاب في البحر بأن المقتدي لم تبطل صلاته أصلا بل وصفا ورده في النهر بأن المصنف استعمل البطلان بالمعنى الأعم وهو إعدام الفرض بقي الأصل أولا ثم قال‏:‏ فالأولى ما قاله العيني‏:‏ إن مسألة المقتدي بمتيمم ليس فيها إلا خلاف زفر، والخلاف في هذه المسائل مفروض بين الإمام وصاحبيه ا هـ‏.‏ فقول الشارح وتنقلب نفلا ناظر لجواب البحر أيضا، وقد علمت ما فيه أفاده ح‏.‏ ‏(‏قوله ففيها خلاف زفر‏)‏ أي حيث قال بعدم الفساد كما قدمناه في الباب السابق ‏(‏قوله كما مر في بابه‏)‏ ومر أيضا أنه إذا لم يجد ماء لغسل الرجلين بعد تمام مدة المسح وهو في الصلاة فالأشبه الفساد لسراية الحدث إلى الرجل لأن عدم الماء لا يمنع السراية، ثم يتيمم له ويصلي قال الزيلعي، وتبعه في فتح القدير وشرح المنية وقدمنا أيضا هناك فيما إذا خاف تلف رجليه من البرد بطلان المسح السابق ولزوم استئناف مسح آخر يعم الخف كالجبيرة، فكان المناسب عدم التقييد بشيء من القيدين

‏(‏قوله بلا صنع‏)‏ بأن سمع سورة الإخلاص مثلا من قارئ فحفظها بمجرد السماع، واحترز به عما لو حفظها بتعليم من القارئ لأنه يكون عملا كثيرا، وبه يخرج من الصلاة بصنعه فلا يتأتى الخلاف ‏(‏قوله ولو كان الأمي إلخ‏)‏ أشار إلى أن المراد بالأمي أعم من أن يكون إماما أو منفردا أو مقتديا بأمي أو قارئ‏.‏ ‏(‏قوله على ما عليه الأكثر‏)‏ لأن الصلاة بالقراءة حقيقة فوق الصلاة بالقراءة حكما، فلا يمكنه البناء بحر‏.‏ وقد يمنع بأنها من المقتدي القارئ ليست إلا حكما نهر ‏(‏قوله قال الفقيه إلخ‏)‏ هو الإمام أبو الليث، وصرح بمثل ما هنا في خزائن السروجي‏.‏ وفي الجوهرة‏:‏ لا تبطل إجماعا رملي‏.‏ وجزم به في الولوالجية إسماعيل‏.‏ قال في البحر‏:‏ ووجهه أن قراءة الإمام قراءة له، فقد تكامل أول الصلاة وآخرها وبناء الكامل على الكامل جائز‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله تصح به الصلاة‏)‏ بأن يكون طاهرا أو نجسا، وعنده ما يطهره به، أو ليس عنده إلا أن ربعه طاهر نهر، فلو كان الطاهر أقل أو كان كله نجسا لا تبطل لأن المأمور به الستر بالطاهر، فكان وجوده كعدمه‏.‏ ولو قال ‏(‏تجب‏)‏ بدل ‏(‏تصح‏)‏ لكان أولى لأن عبارته تشمل ما لو كان كله نجسا إذ الصلاة تصح فيه مع أنه لو صلى عاريا لا تبطل لأنها لا تجب فيه بل هو مخير أبو السعود ط ‏(‏قوله أو أعتقت الأمة‏)‏ في حاشية المدني قال شيخنا المرحوم السيد محمد أمين ميرغني في حاشيته على الزيلعي‏:‏ أقول ذكر كثير من الشراح هذه المسألة ملحقة بالمسائل الاثني عشرية، وفيه نظر، فإن فرض الستر إنما يلزمها مقتصرا من وقت عتقها لا مستندا فيكون عدم الستر قاطعا والقاطع في أوانه منه وفي غير أوانه مبطل، وهاهنا في أوانه لأنه بعد تمام الأركان فصحت صلاتها وإن لم تستر من ساعتها، بخلاف العاري إذا وجد ثوبا لأن فرض الستر لزمه قبل الشروع، فكان وجود الثوب في هذه الحالة مغيرا لما قبله، فكان مبطلا‏.‏ وقد ذكر الزيلعي في باب شروط الصلاة خلاف ما هنا، حيث قال‏:‏ ولو أعتقت الأمة في صلاتها أو بعدما أحدثت فيها قبل أن تتوضأ أو بعده تقنعت بعمل رفيق من ساعتها وبنت على صلاتها، وإن أدت ركنا بعد العلم بالعتق بطلت صلاتها‏.‏ والقياس أن تبطل في الوجه الأول أيضا كالعريان إذا وجد ثوبا في صلاته‏.‏ وجه الاستحسان أن فرض الستر لزمها في الصلاة وقد أتت به، والعريان لزمه قبل الشروع فيها فيستقبل كالمتيمم إذا وجد فيها ماء انتهى‏.‏ فعلم من كلامه صحة صلاتها لو أعتقت بعد التشهد ولم تستتر‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وقد يجاب بأن الأصل في هذه المسائل أن كل ما يفسد الصلاة إذا وجد في أثنائها بصنع المصلي يفسدها إذا وجد بعد التشهد بلا صنعه، وهذا المعنى موجود في مسألتنا هذه‏.‏ لا يقال‏:‏ إن ترك التقنع في الحال مفسد لصلاتها بصنعها‏.‏ لأنا نقول‏:‏ الفساد مستند إلى سببه الأول، وهو لزوم الستر بالعتق كما في نزع الخف بعمل يسير فإنه بصنع المصلي‏.‏ مع أنهم لم يعتبروه بل اعتبروا السبب السابق وهو لزوم الغسل بالحدث السابق‏:‏ هذا ما ظهر لي فتأمل‏.‏ه

‏(‏قوله خفه الواحد‏)‏ قال في المنح‏:‏ هو أولى مما وقع في الكنز بلفظ المثنى، لأن الحكم كذلك في الواحد لما تقرر من أن نزع الخف ناقض‏.‏ ‏(‏قوله بعمل يسير‏)‏ بأن كان واسعا لا يحتاج فيه إلى المعالجة بالنزع بحر ‏(‏قوله تتم اتفاقا‏)‏ لأنه خروج بصنعه

‏(‏قوله وقدرة مأموم على الأركان‏)‏ لأن آخر صلاته أقوى، فلا يجوز بناؤه على الضعيف بحر ‏(‏قوله وتذكر فائتة إلخ‏)‏ أي تذكر المصلي فائتة عليه إن كان منفردا أو إماما أو على إمامه إن كان مقتديا، وقوله وهو‏:‏ أي من عليه الفائتة مطلقا‏.‏ وفي السراج‏:‏ ثم هذه الصلاة لا تبطل قطعا عند أبي حنيفة، بل تبقى موقوفة إن صلى بعدها خمس صلوات وهو يذكر الفائتة تنقلب جائزة‏.‏ ا هـ‏.‏ قال في البحر‏:‏ فذكر المصنف لها في سلك البطلان اعتماد على ما يذكره في باب الفوائت‏.‏

‏(‏قوله وتقديم القارئ أميا‏)‏ أي فيما إذا كان القارئ إماما فسبقه الحدث ‏(‏قوله مطلقا‏)‏ أي سواء كان بعد القعود قدر التشهد أو قبله بقرينة القول الآخر‏.‏ وفيه أن استخلافه قبل التشهد مفسد اتفاقا، سواء كان في الركعتين الأوليين أو في الأخريين ولم يقرأ في الأوليين أو إحداهما، وكذا لو قرأ في كل منهما، خلافا لزفر ورواية عن أبي يوسف كما مر قبل هذا الباب، وليس هذا مما نحن فيه لأن الخلاف في الاثني عشرية منصوب بين أبي حنيفة وصاحبيه، وذلك فيما بعد التشهد فقط فالصواب حذف الإطلاق وأن يقول وقيل لا فساد بالإجماع ا هـ‏.‏ أفاده ح ‏(‏قوله وهو الأصح‏)‏ قال في النهر‏:‏ واختاره أبو جعفر وفخر الإسلام وصححه في الكافي وغيره‏.‏ وقال في الفتح‏:‏ وهو المختار ‏(‏قوله لأنه عمل كثير‏)‏ أي ولا ضرورة إليه هنا لعدم الاحتياج إلى إمام لا يصلح نهر‏.‏

‏(‏قوله من الثلاثة‏)‏ وهي الطلوع والاستواء والغروب ‏(‏قوله بأن بنى إلخ‏)‏ إشارة إلى دفع ما أورده في الكافي من أنه لو شرع قبل بلوغ الظل مثله ثم بلغ بعد القعود لم تبطل اتفاقا؛ أما عنده فلعدم دخول وقت العصر‏.‏ وأما عندهما فلعدم قولهما بالفساد في جميع هذه المسائل‏.‏ فأجاب بتصوير المسألة بما ذكره ليتحقق الخلاف‏.‏

‏(‏قوله بأن لم يعد إلخ‏)‏ أشار إلى أن الأمر موقوف، فإذا انقطع بعد القعود ودام وقتا كاملا بعد الوقت الذي صلى فيه يظهر أنه انقطاع هو برء فيظهر الفساد عند أبي حنيفة فيقضيها، وإلا فمجرد الانقطاع لا يدل عليه لأنه لو عاد في الوقت الثاني فهي صحيحة بحر ‏(‏قوله وكذا خروج وقته‏)‏ لأن المعتمد أن طهارة المعذور تبطل بخروج الوقت‏.‏

‏(‏قوله العشرين‏)‏ لأنه زاد على الاثني عشر ثمانية مسائل، وهي‏:‏ وجود ماء يزيل به نجاسة الثوب، وتقنع الأمة، وتذكر فائتة على إمامه، وزوال الشمس في العيد، ودخول وقت من الأوقات الثلاثة في القضاء، والثامنة خروج وقت المعذور‏.‏ وقد حاول في البحر فأرجع الأولى والثانية إلى مسألة العاري ومسائل دخول الأوقات المكروهة إلى مسألة الطلوع، والأخيرة إلى ظهور الحديث السابق في مسألة مضي مدة المسح‏.‏ وبقي مسألة تذكر فائتة على إمامه، وأرجعها المحشي إلى تذكر فائتة عليه، ومسألة زوال الشمس في العيد وأرجعها إلى مسألة الطلوع‏.‏ ولا يخفى ما في ذلك من التكلف‏.‏ على أن الفساد في الأولى والثانية لوجود الماء وزوال الرق لا لوجود الثوب، فإنه كان موجودا قبل؛ ولو سلم اعتبار التداخل بمثل ما ذكر لزم أن لا تعد مسألة دخول وقت العصر مع مسألة طلوع الشمس، فإن إحداهما تغني عن الأخرى، وأن يقتصر على إحدى المسائل الثلاث وهي قدرة المتيمم على الماء، ومضي مدة المسح ونزع الخف، فإن في كل منها ظهر الحدث السابق بل يمكن التداخل في غيرها أيضا كما يظهر بالتأمل، فعلم أنهم لم يعتبروا ذلك، فلذا زاد الزيلعي بعض المسائل على ما ذكروا، وتبعه في الفتح والدرر والشيخ شعبان في شرح المجمع، وكذا صنع في الذخيرة كما ذكره الشرنبلالي في رسالته، وزاد عليها نحوا من مائة مسألة لوجود الجامع بينها وبين ما ذكروه، ووجود الأصل الذي يبتنى عليه البطلان في الاثني عشرية، وهو أن كل ما يفسد الصلاة إذا وجد في أثنائها بصنع المصلي يفسدها أيضا إذا وجد بعد الجلوس الأخير بلا صنعه عند الإمام لا عندهما فافهم‏.‏ ‏(‏قوله إذا بطلت‏)‏ المراد بالبطلان كما مر ما يشمل بطلان الأصل والوصف أو الوصف فقط ‏(‏قوله فيما إذا تذكر فائتة‏)‏ أي عليه أو على إمامه، وقد علمت أن الأمر موقوف في تذكر الفائتة ولا تنقلب نفلا للحال ح ‏(‏قوله زاد في الحاوي إلخ‏)‏ أي الحاوي القدسي قبيل باب صلاة المسافر‏.‏ أقول‏:‏ ويشكل عليه ما ذكره أصحاب المتون وغيرهم في باب صلاة المريض من أنه لو صلى بعض صلاته بإيماء ثم قدر على الركوع والسجود يستأنف الصلاة وذكر الشراح أن ذلك باتفاق أئمتنا الثلاثة خلافا لزفر وأن هذا الخلاف مبني على الخلاف في جواز اقتداء الراكع الساجد بالمومئ فعندنا لا يجوز الاقتداء فكذا البناء هنا، وعند زفر يجوز‏.‏ ولا يخفى أن لزوم الاستئناف يقتضي فساد الصلاة من أصلها إلا أن يقال يستأنف لو كانت الصلاة فرضا بمعنى أنه يلزمه إعادة الفرض لكن إطلاقهم لزوم الاستئناف يشمل الفرض والنفل ويدل عليه بناء الخلاف على الخلاف في جواز الاقتداء بالمومئ فإنه لا يصح في الفرض ولا في النفل فليتأمل‏.‏ ‏(‏قوله ويزاد‏)‏ أي على ما ينقلب نفلا وليس المراد أنها من المسائل المختلف فيها بين أبي حنيفة وصاحبيه كما قدمناه ح‏.‏ أقول‏:‏ حيث كان مراد الشارح ذلك كان عليه أن يتمم ذكر المسائل التي تنقلب فيها الصلاة نفلا فإن منها كما في الحاوي ترك القعدة الأخيرة وركوع المسبوق وسجوده إذا أدرك الإمام في السجدة الثانية قبل متابعته فيها ‏(‏قوله والظاهر إلخ‏)‏ ما استظهره ظاهر لأن الأوقات المكروهة لا تنافي انعقاد النفل ابتداء فكيف بالبقاء أفاده ح وط‏.‏

‏(‏قوله وهو مسافر‏)‏ أي الإمام وهذا قيد لقوله أو مقيما ‏(‏قوله صح‏)‏ أي لوجود المشاركة في التحريمة بحر ‏(‏قوله والمدرك أولى‏)‏ لأنه أقدر على إتمام صلاته بحر‏.‏ وفيه إشارة إلى أن الأولى للإمام أن لا يستخلف غير مدرك ولذلك الغير أن لا يقبل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو جهل الكمية إلخ‏)‏ فيه إجمال‏.‏ وبيانه كما في النهر أنه إن علم كمية صلاة الإمام وكانوا كلهم كذلك أي مسبوقين ابتدأ من حيث انتهى إليه الإمام وإلا أتم ركعة وقعد ثم قام وأتم صلاة نفسه ولا يتابعه القوم بل يصبرون إلى فراغه فيصلون ما عليهم وحدانا ويقعد هذا الخليفة على كل ركعة احتياطا، وقيده في الظهيرية بما إذا سبق الإمام الحدث وهو قائم قال في البحر‏:‏ ولم يبينوا ما إذا سبقه وهو قاعد ولم يعلم الخليفة ما كمية صلاته‏.‏ وينبغي على قياس ما قالوه أن يصلي الخليفة ركعتين وحده وهم جلوس، فإذا فرغ قاموا وصلى كل أربعا وحده والخليفة ما بقي، ولا يشتغلون بالقضاء قبل فراغه‏.‏ واعلم أن اللاحق يشير إليهم أن لا يتابعوه حتى يفرغ مما فاته لأن الواجب عليه أن يبدأ بما فاته أولا ثم يتابعونه فيسلم بهم، فلو ترك الواجب قدم غيره ليسلم‏.‏ وأما المقيم فيقدم بعد الركعتين مسافرا يسلم بهم ثم يقضي المقيمون ركعتين منفردين بلا قراءة، حتى لو اقتدوا به بعد قيامه بطلت‏.‏ ‏(‏قوله احتياطا‏)‏ أي للاحتمال في كل ركعة أنها آخر صلاة الإمام ح ‏(‏قوله فرضنا القعدتين‏)‏ لأن القعدة الأولى فرض على إمامه وهو قائم مقامه، والثانية فرض عليه ‏(‏قوله فرضت القراءة في الأربع‏)‏ لأنه لما قرأ الركعتين نيابة عن الإمام التحقت بالأوليين فخلت الأخريان عن القراءة، فصار كأن الخليفة لم يقرأ في الأخريين فيلزمه القراءة فيما سبق به أيضا كما هو حكم المسبوق من أنه منفرد فيما يقضيه، وفيها يلغز أي مصل تفرض عليه القراءة في أربع ركعات الفرض‏.‏

‏(‏قوله قدم مدركا للسلام‏)‏ أي ليسلم بالقوم، وفيه إيماء إلى أنه لا يقضي ما فاته أولا، فلو فعل ففي فساد صلاته اختلاف تصحيح وقدم الشارح في الباب السابق أن الأظهر الفساد ‏(‏قوله ثم لو أتى إلخ‏)‏ أي بعدما أتم صلاة الإمام سواء قدم مدركا أو لا ‏(‏قوله لتمام أركانها‏)‏ أي أركان صلاة المدركين فلا يضرها المنافي، بخلاف ذلك المسبوق لأنه بقي عليه ما سبق به فوقع المنافي في خلال صلاته ‏(‏قول الأصح‏)‏ راجع إلى قول إن لم يفرغ‏.‏ قال في الهداية‏.‏ والإمام الأول إن كان فرغ لا تفسد صلاته، وإن لم يفرغ تفسد، وهو الأصح‏.‏ ا هـ‏.‏ واحترز بالأصح عن رواية أبي حفص أن صلاته تامة أيضا لأنه مدرك أول الصلاة، وكأن هذه الرواية غلط من الكاتب لأنه فصل في المسألة ثم قال فيها إنها تامة، وظاهر التفصيل المخالفة معراج ‏(‏قوله لما مر‏)‏ أي قبيل الاثني عشرية ح‏.‏ قال الزيلعي‏:‏ لأنه لما استخلفه صار مقتديا به فتفسد صلاته بفساد صلاة إمامه، ولهذا لو صلى ما بقي من صلاته في منزله قبل فراغ هذا المستخلف تفسد صلاته لأن انفراده قبل فراغ الإمام لا يجوز‏.‏ ا هـ‏.‏ وقدمنا تمام الكلام على ذلك عند قوله وإن لم يجاوزه‏.‏

‏(‏قوله عند الإمام‏)‏ وعندهما لا تفسد قياسا على الكلام والخروج من المسجد‏.‏ ولأبي حنيفة الفرق بين المنهي والمفسد كما يأتي ‏(‏قوله أي بعد‏)‏ بيان للمراد، وإلا فلم يذكروا أن ‏"‏ في ‏"‏ تأتي بمعنى بعد والأظهر جعله على تقدير مضاف‏:‏ أي في آخر قعوده ‏(‏قوله إلا إذا قيد إلخ‏)‏ بأن قام قبل سلام إمامه وأتى بركعة‏.‏ والظاهر أن هذا جار أيضا في المسألة التي قبله فيقيد به قوله وكذا تفسد صلاة من حاله كحاله ‏(‏قوله لأنهما منهيان إلخ‏)‏ أي متممان للصلاة كما في الفتح‏.‏ وفي العناية‏:‏ المنهي ما اعتبره الشرع رافعا للتحريمة عند فراغ الصلاة كالتسليم والخروج بفعل المصلي‏.‏ ا هـ‏.‏ وأما القهقهة والحدث العمد فإنهما مفسدان لتفويتهما شرط الصلاة وهو الطهارة، فيفسدان الجزء الذي يلاقيانه من صلاة الإمام فيفسد مثله من صلاة المقتدي المسبوق، وقد بقي عليه فروض فلا يمكنه بناؤها على الفاسد، بخلاف الإمام المدرك ‏(‏قوله ولذا إلخ‏)‏ أي لكون الكلام والخروج من المسجد منهيين لا مفسدين يجب على المقتدين المدركين السلام، بخلاف ما لو قهقه إمامهم أو أحدث عمدا فإنهم يقومون بلا سلام لأنهما مفسدان‏.‏ وفيها يلغز أي مصل لا سلام عليه‏.‏ وفي البحر‏:‏ لو قهقه القوم بعد الإمام فعليه الوضوء دونهم لخروجهم منها بحدثه، بخلاف قهقهتهم بعد سلامه لأنهم لا يخرجون منها بسلامه فيطلب طهارتهم، وإن قهقهوا معا أو القوم ثم الإمام فعليهم الوضوء فالحاصل أن القوم يخرجون من الصلاة بحدث الإمام عمدا اتفاقا، ولهذا لا يسلمون ولا يخرجون منها بسلامة خلافا لمحمد وأما بكلامه؛ فعن أبي حنيفة روايتان‏:‏ في رواية كالسلام فيسلمون وتنتقض طهارتهم بالقهقهة‏.‏ وفي رواية كالحدث العمد، فلا سلام ولا نقض بها، كذا في المحيط‏.‏ ا هـ‏.‏ وقدمنا في نواقض الوضوء عن الفتح أنه لو قهقه بعد كلام الإمام عمدا فسدت طهارته وكسلامه على الأصح على خلاف ما في الخلاصة وصححه في الخانية أيضا، ومشى الشارح هناك ‏(‏قوله بخلاف المدرك‏)‏ مرتبط بقوله وتفسد صلاة مسبوق بقهقهة إمامه وحدثه العمد ‏(‏قوله وفي الظهيرية عدمه‏)‏ قال لأن النائم كأنه خلف الإمام والإمام قد تمت صلاته فكذلك صلاة النائم تقديرا ا هـ‏.‏ قال في البحر‏:‏ وفيه نظر لأن الإمام لم يبق عليه شيء بخلاف اللاحق ‏(‏قوله تأييد الأول‏)‏ أقول‏:‏ يؤيده أيضا ما جزم به المصنف قبل هذا من فساد صلاة الإمام المحدث إن لم يفرغ وصححه الشارح تبعا للهداية كما مر، ولا يخفى أنه لاحق، ثم رأيته في النهر ذكر نحو ذلك‏.‏

‏(‏قوله لا خصوصية له‏)‏ أي للإمام بل المقتدي والمنفرد حكمهما كذلك، فلو عبر بالمصلي كما في النهر والعيني والمسكين لكان أولى ‏(‏قوله على سبيل الفرض‏)‏ لأن إتمام الركن بالانتقال عند محمد ومع الحدث لا يتحقق‏.‏ وعن أبي يوسف وإن تم قبل الانتقال، لكن الجلسة والقومة فرض عنده فلا يتحقق بغير طهارة، فلا بد من الإعادة على المذهبين، حتى لو لم يعد تفسد صلاته ح عن الزيلعي ‏(‏قوله ما لم يرفع إلخ‏)‏ مرتبط بقوله بنى، وهو صادق بثلاث صور‏:‏ بأن لم يرفع رأسه أصلا بل مشى محدودبا، أو رفع مريدا للانصراف، أو لم يرد شيئا أصلا، ففي هذه الصور يبني ولا تفسد كما يؤخذ مما يأتي ‏(‏قوله ولم يرد الأداء‏)‏ أي برفعه رأسه مسمعا أو مكبرا لأن عبارة الكافي هكذا‏:‏ ولو سبقه الحدث في الركوع فرفع رأسه قائلا سمع الله لمن حمده فسدت، ولو رفع رأسه من السجود وقال الله أكبر مريدا به أداء ركن فسدت وإن لم يرد به الأداء ففيه روايتان عن أبي حنيفة‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي شرح المنية‏:‏ ولو أحدث راكعا فرفع مسمعا لا يبني لأن الرفع محتاج إليه للانصراف، فمجرده لا يمنع، فلما اقترن به التسميع ظهر قصد الأداء‏.‏ وعن أبي يوسف‏:‏ لو أحدث في سجوده فرفع مكبرا ناويا لتمامه أو لم ينو شيئا فسدت؛ لا إن نوى الانصراف ا هـ‏.‏ وحاصله أنه يرفع رأسه مسمعا أو مكبرا تفسد على رواية أبي يوسف، سواء أراد به الأداء أو لا، إلا إذا نوى الانصراف لأن التسميع أو التكبير الذي هو أمارة قصد الأداء لا يعارض صريح قصد الانصراف، وأن مجرد الرفع بلا تسميع أو تكبير ولا نية أداء غير مفسد لأنه محتاج إليه ‏(‏قوله فتفسد‏)‏ أي إن قصد الأداء أو رفع مكبرا، وإلا خالف ما نقلناه تأمل‏.‏ الظاهر تقييده أيضا بما إذا رفع مستويا قبل أن ينحرف عن القبلة‏.‏

‏(‏قوله ولو تذكر إلخ‏)‏ قيد بالركوع أو السجود؛ لأنه لو تذكر السجدة في القعدة الأخيرة فسجدها أعاد القعدة نهر لأنها ما شرعت إلا خاتمة لأفعال الصلاة‏.‏ واحترز بالسجدة عما لو تذكر في الركوع أنه لم يقرأ السورة فعاد إليها أعاده، لأن الترتيب فيه فرض بحر ‏(‏قوله فانحط من ركوعه‏)‏ هذا إنما يصح على قول محمد، وأما على قول أبي يوسف فإنه يعيد الركوع على سبيل الافتراض لما أن القومة فرض عنده ح ‏(‏قوله أو رفع من سجوده‏)‏ قيد بالرفع لأن الصحيح أن السجود لا يتم إلا بالرفع حتى يصل إلى قرب الجلوس رحمتي فافهم ‏(‏قوله فسجدها‏)‏ أفاد أن سجودها عقب التذكر غير واجب، لما في البحر عن الفتح‏:‏ له أن يقضي السجدة المتروكة عقب التذكر، وله أن يؤخرها إلى آخر الصلاة فيقضيها هناك‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لسقوطه‏)‏ أي سقوط وجوب الإعادة المبني على وجوب الترتيب؛ فإن الترتيب فيما شرع مكررا من أفعال الصلاة واجب؛ يأثم بتركه عمدا‏.‏ ويسقط بالنسيان، وينجبر بسجود السهو ‏(‏قوله ولو أخرها‏)‏ هو مفهوم قوله عقب التذكر كما في النهر ح ‏(‏قوله قضاها فقط‏)‏ يعني من غير إعادة ركوع ولا سجود، لا افتراضا، ولا وجوبا، ولا ندبا، بل إن سجدها في أثناء القعدة الأخيرة أو بعدها أعادها افتراضا لما قدمناه ح وعليه سجود السهو لترك الترتيب فيما شرع مكررا ط‏.‏

‏(‏قوله كما مر‏)‏ أي قبيل قوله‏:‏ واستئنافه أفضل ‏(‏قوله تعين المأموم للإمامة‏)‏ حتى لو أفسد صلاته لم تفسد صلاة هذا الثاني، ولو أفسدها الثاني تفسد صلاة الأول لتحول الإمامة إليه، فإن جاء ثالث واقتدى بهذا الثاني ثم أحدث الثاني صار الثالث إماما لنفسه، فإن أحدث الثالث قبل رجوعهما أو رجوع أحدهما فسدت صلاة الأولين لأنهما صارا مقتديين به، فإذا خرج إمامهما من المسجد تحقق تباين المكان، فيفسد الاقتداء لفوات شرطه وهو اتحاد البقعة؛ ولو رجع أحدهما فدخل المسجد ثم خرج الثالث جازت صلاتهم لأن الراجع صار إماما لهم لتعينه ولو رجعا فإن قدم أحدهما الآخر قبل خروج الثالث من المسجد صار هو الإمام وإلا فسدت صلاتهما لأن أحدهما لم يصر إماما للتعارض بلا مرجح، فبقي الثالث إماما، فإذا خرج فات شرط الاقتداء وهو اتحاد البقعة ففسدت صلاتهما بدائع ‏(‏قوله بلا نية‏)‏ متعلق بقوله تعين ‏(‏قوله على الأصح‏)‏ وقيل تفسد صلاة الإمام فقط، وقيل صلاتهما ح ‏(‏قوله لبقاء الإمام إماما إلخ‏)‏ قال في الذخيرة‏:‏ لأن تعين الواحد للإمامة إنما كان للحاجة إلى إصلاح الصلاة، وفي جعله إماما هاهنا إفسادها، فبقي المقتدي لا إمام له في المسجد ففسدت صلاته ‏(‏قوله فإن استخلفه‏)‏ أي قبل القعود قدر التشهد، وإلا كان خارجا بصنعه ط

‏(‏قوله لما مر‏)‏ هو قول لبقاء الإمام إلخ ح ‏(‏قوله لما مر‏)‏ أي عند قوله أو مكث قدر أداء ركن بعد سبق الحدث من قوله إلا لعذر كنوم ورعاف ح‏.‏